عبّاس النوري: "الوفاء للبيئة الدمشقية القديمة لا يعنيني

سب الممثل السوري عبّاس النوري نجاحه في أداء دور رجل "الحارة" الدمشقية القديمة إلى نشأته في بيت عربيٍ وسط حيٍ قديمٍ من أحياء العاصمة السورية، ولجودة النص المكتوب (الـ "script")، إلى جانب طبيعة عمله كممثل، والتي تفرض عليه التميز في تقمص أي شخصية يطلب منه أداؤها، وذلك في لقاءٍ أجراه مع mbc.net.

ويعّد النوري الذي يؤدي دور "أبو عصام" في مسلسل "باب الحارة 2" الذي يعرض على شاشة mbc، باعتراف المخرج بسام الملاّ، أحد النجوم الذين يصعب الاستغناء عنهم في الأعمال التي تصور البيئة الدمشقية القديمة، إذ سبق له أن أدى ثلاث شخصيات مختلفة في مسلسلات "أيام شامية" و"ليالي الصالحية" و"باب الحارة" بجزأيه، والتي لاقت رواجاً استثنائياً في مختلف الدول العربية.

في الوقت نفسه أكد النجم السوري أن الاخلاص للبيئة واللهجة الدمشقية لا يعنيه، مشيراً إلى احتمالية أدائه لأدوار بلهجات أخرى "قد أمثل شخصية الرجل اليمني أو حتى المدغشقري إذا عرض علي الدور المناسب".

لا نكرر أنفسنا.. والمُشاهِد "يشهد"

من ناحية أخرى، أبدى النوري استغرابه من اتهامات النقاد للمسلسلات التي تصور البيئة الدمشقية القديمة بتكرار نفسها، مشيراً إلى أن تلك البيئة "لا تزال تزخر بالمواضيع التي لم يتم التطرق إليها بعد"، منوهاً في الوقت نفسه إلى أن الصورة التي تظهر فيها الحارة الدمشقية في المسلسلات "مبالغٌ فيها ولا تمت إلى الواقع بصلة، بل تتم (فلترتها) وتصفيتها لتبدو بيئة مثالية لا تعرف الخطأ".

ونفى "أبو عصام" تكرار نفسه في مسلسلات الحي الشامي، قائلاً "لم أكرر نفسي على الاطلاق، فشخصية محمود الفوّال التي أديتها في (أيام شامية) جسدت شاباً فتياً شجاعاً، فيما تحدثت شخصية المعلم عمر في (ليالي الصالحية) عن رجلٍ في ريعان شبابه وأوج نضجه. أما أبو عصام، فرجلٌ حكيم وأبٌ حنون لأولادٍ متزوجين، يحمل الكثير من الهموم والمشاكل، كما أن علاقته بالحارة تعدو عن كونها علاقة الرجل الشهم الشجع".

على صعيد آخر، طالب النوري الروائيين السوريين بتوثيق "الحارة" الشعبية روائياً، احتذاءً بالأدباء المصريين الذين وثقوا البيئة المصرية القديمة في كتاباتهم، مؤكداً ضرورة تصوير الأحياء الشعبية بمظرٍ حقيقيٍ "غير معقمٍ"، وموثقٍ تاريخياً.

وانتقد الممثل السوري نظرة صنّاع الدراما العرب للتاريخ التي وصفها بـ "الجبانة المجاملة للحكومات"، داعياً إلى تجاوز المحرمات والخطوط الحمراء وكسر حاجز العاطفة في تناول التاريخ "لأن العاطفة تعمي أبصارنا عن الحقيقية، وتدفعنا لتشويه تاريخنا بأيدينا".

يطالب بنقدٍ تلفزيوني "حقيقي"

واختتم عبّاس النوري حواره مع mbc.net بالحديث عن غياب حركة النقد التلفزيوني الحقيقية في العالم العربي، والتي عزا "تخلفها" إلى الكسل الثقافي، على عكس حالة النقد السينمائي والمسرحي التي "نشطت إبان عصر النهضة الثقافية العربية وقدمت نقداً متطوراً، أما التلفزيون فيعدُ وافداً غريباً على الفنون".

وأضاف "كل ما لدينا هو مجرد صحفيين يكتبون عن الفن، لكن نقدهم لا يقدم شيئاً. نتمنى وجود حركة نقدية تواكب الدراما التلفزيونية بشكل مدروس، بدلاً من تقمّص الجميع لدور الناقد الحاذق"، قبل أن يحذّر من تسليم راية النقد للمشاهد، "فالمشاهد ليس ناقداً، بل هو حكم يبدي رأيه في العمل التلفزيوني من زاويته الخاصة".

وأفصح النوري لـ mbc.net عن نيته تقديم مسلسل "أولاد القيمرية" الذي ألفه وأخرجه بنفسه. وتدور أحداث المسلسل الذي من المزمع عرضه خلال شهر رمضان القادم حول الأحداث التي شهدتها منطقة القيمرية في سوريا إبان الحكم العثماني.
_________________